responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 103
وَالسُّجُودِ وَإِنْ تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ إلَى جِهَةٍ فَصَلَّى إلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَا تُجْزِيهِ أَصَابَ أَوْ لَمْ يُصِبْ أَمَّا إذَا لَمْ يُصِبْ فَظَاهِرٌ، وَكَذَا إذَا أَصَابَ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي أَدَّى إلَيْهَا اجْتِهَادُهُ صَارَتْ قِبْلَةً لَهُ قَائِمَةً مَقَامَ الْكَعْبَةِ فِي حَقِّهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ يَقُولُ إنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّا وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجَسٌ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ أَوْ صَلَّى وَعِنْدَهُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ أَوْ صَلَّى الْفَرْضَ وَعِنْدَهُ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ بِنَاءً عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ تَحَرِّيهِ فَلَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً وَإِنْ ظَهَرَ بِخِلَافِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ تَحَرَّى قَوْمٌ جِهَاتٍ وَجَهِلُوا حَالَ إمَامِهِمْ يُجْزِيهِمْ) أَيْ تَحَرَّى جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَصَلَّى إمَامُهُمْ إلَى جِهَةٍ وَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ إلَى جِهَةٍ وَلَا يَدْرُونَ مَا صَنَعَ الْإِمَامُ يُجْزِيهِمْ إذَا كَانُوا خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ وَهِيَ جِهَةُ التَّحَرِّي وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ لَا تُمْنَعُ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ حَالَ إمَامِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ إمَامَهُ عَلَى الْخَطَأِ، وَكَذَا إذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ فَرْضَ الْمَقَامِ وَفِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ تَحَرَّى الْقِبْلَةَ فَأَخْطَأَ فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ عَلِمَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ فِي صَلَاتِهِ وَقَدْ عَلِمَ حَالَتَهُ الْأُولَى لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الدَّاخِلِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ وَعَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ عَلَى الْخَطَأِ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَلَوْ قَامَ اللَّاحِقُ لِلْقَضَاءِ فَعَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ كَانَ عَلَى الْخَطَأِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ) أَيْ فَرْضُ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] وَهِيَ شَرْطٌ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي هَذَا الْبَابِ لِاتِّصَالِهَا بِالْأَرْكَانِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ رُكْنُ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ كَالْقِرَاءَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَهِيَ آيَةُ الرُّكْنِيَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ صَلَاةٍ بِتَحْرِيمَةِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَلَوْلَا أَنَّهَا مِنْ الْأَرْكَانِ لَجَازَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] عَطَفَ الصَّلَاةَ عَلَى الذِّكْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ التَّحْرِيمَةُ وَمُقْتَضَى الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ إذْ الشَّيْءُ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» فَأَضَافَ التَّحْرِيمَ إلَى الصَّلَاةِ وَالْمُضَافُ غَيْرُ الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُضَافُ إلَى نَفْسِهِ وَمَا رَوَاهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ لَيْسَ بِرُكْنٍ إجْمَاعًا أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَكْبِيرِ الِانْتِقَالِ وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ فَأَلْقَاهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَسَتَرَهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ أَوْ شَرَعَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هُوَ يَقُولُ: إنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَصَارَ كَمَا إذَا تَحَرَّى فِي الْأَوَانِي فَتَوَضَّأَ بِغَيْرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ تَحَرِّيهِ كَذَا هَذَا. اهـ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا هُوَ التَّوَضُّؤُ بِالطَّاهِرِ حَقِيقَةً وَقَدْ وُجِدَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَّى وَعِنْدَهُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ إلَى آخِرِهِ) أَيْ كَمَا إذَا تَحَرَّى فِي الْأَوَانِي فَتَوَضَّأَ بِغَيْرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ لَا تَمْنَعُ) أَيْ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَامَ اللَّاحِقُ إلَى آخِرِهِ) هَذَا الْفَرْعُ كَتَبَهُ عَلَى هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَانَ عَلَى الْخَطَأِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ لِأَنَّ اللَّاحِقَ وَهُوَ النَّائِمُ يُصَلِّي مِثْلَ مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ كَأَنَّهُ خَلَفَهُ وَلَوْ أَمَرْنَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ مِثْلَ مَا صَلَّى الْإِمَامُ لَكَانَ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَوْ أَمَرْنَاهُ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ إلَى آخِرِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَلْفَ إمَامٍ فَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُ إمَامِهِ عَلَى الْخَطَأِ. اهـ. .

[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) الْمُرَادُ بِصِفَةِ الصَّلَاةِ أَرْكَانُهَا؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الْأَرْكَانُ غَالِبًا وَإِنْ ذُكِرَ فِيهِ مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ اسْتِطْرَادًا كَالتَّحْرِيمَةِ وَالْقُعُودِ الْأَخِيرِ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الصِّفَةَ عَلَى الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ فِي ذَاتِهَا لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا قَائِمَةً بِالْمُصَلِّي. اهـ. يَحْيَى (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ إلَى آخِرِهِ) التَّحْرِيمُ جَعْلُ الشَّيْءِ مُحَرَّمًا نَقْلٌ لِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّهَا تُحَرِّمُ مَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَأُلْحِقَ بِهِ تَاءُ النَّقْلِ تَنْبِيهًا عَلَى النَّقْلِ كَتَاءِ الْحَقِيقَةِ وَتُسَمَّى تَاءُ الِاسْمِيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلتَّكْبِيرَةِ وَقَدْ كَانَ مَصْدَرًا فَفِيهِ تَحْقِيقٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى اسْمِيَّتِهِ. اهـ. يَحْيَى (قَوْلُهُ: فَرْضُ الصَّلَاةِ) الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْفَرَائِضُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي النَّافِلَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ التَّحْرِيمَةُ) أَيْ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ سَائِرَ التَّكْبِيرَاتِ لَيْسَ بِفَرْضٍ بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ هَذَا لِلْفَرِيضَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْطِيلِ النَّصِّ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: إذْ الشَّيْءُ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ نَظِيرَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَكِنَّ جَوَازَهُ لِنُكْتَةٍ بَلَاغِيَةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا. اهـ. فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ إنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَجْعَلْ التَّحْرِيمَةَ نَفْسَ الصَّلَاةِ بَلْ جُزْأَهَا، وَالْجُزْءُ لَيْسَ عَيْنَ الْكُلِّ فَلَا يَلْزَمُ عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْعَطْفُ يَقْتَضِي خُرُوجَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَنْ الْمَعْطُوفِ وَبِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ عَطْفُ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَلَا الْعَكْسُ وَخُرُوجُ الْمُضَافِ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَبِالْعَكْسِ وَلِذَا اسْتَدَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ بِعَطْفِ عَمَلِ الصَّالِحَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَبِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهُ لَكِنْ يَرِدُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145]. اهـ. يَحْيَى (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا جَازَ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذَكَرَ فِي الْكَافِي أَنَّهَا عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رُكْنٌ اهـ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ فَيَجِبُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْفُرُوعُ اهـ

اسم الکتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي المؤلف : الزيلعي ، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست